بحـث
المواضيع الأخيرة
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
قم بحفض و مشاطرة الرابط bousahmayn على موقع حفض الصفحات
قم بحفض و مشاطرة الرابط bousahmayn على موقع حفض الصفحات
الزوار الآن
><a href="http://s05.flagcounter.com/more/pVr"><img src="http://s05.flagcounter.com/count/pVr/bg=FFFFFF/txt=000000/border=CCCCCC/columns=2/maxflags=12/viewers=0/labels=0/" alt="free counters" border="0"></a>
>
أقوى مشاهد افتراس البشر ..ثلاثة أسود يفترسون الصليبيين فى حطين
صفحة 1 من اصل 1
أقوى مشاهد افتراس البشر ..ثلاثة أسود يفترسون الصليبيين فى حطين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أقوى مشاهد افتراس البشر ..ثلاثة أسود يفترسون الصليبيين فى حطين
الحمد لله معز الإسلام بنصره، ومذل الشرك بقهره، ومصرف الأمور بأمره، ومديم النعم بشكره، ومستدرج الكافرين بمكره، قدَّر الأيام دولاً بعدله، وجعل العاقبة للمتقين بفضله، وأظهر دينه على الدين كله، لم يكن له كفواً أحد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله دافع الشرك وداحض الإثم، الذي أسري به ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وعرج به إلى السماوات العلا إلى سدرة المنتهى، أما بعد
قال تعالى : ( وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)40 الحج
لغة البطولة من خصائص أمتي *** عنا رواها الآخرون وترجموا
من ذلك الوقت الذي انتفضت به *** بطحاء مكة والحطيم وزمزم
منذ التقى جبريل فوق ربوعها *** بمحمــد يتلو له ويعلـم
فلا تستشر غير العزيمة في العلا *** فليس سواها ناصح ومعلم
ذهب الرقاد فحدثي يا همتي *** إن العقيدة قوة لا تهزم
إهداء إلى حماة الأمة أسود الأقصى ومرابطى فلسطين
أخوكم الفقير إلى الله zorro
إن أرض المسلمين تنبع لبناً وعسلاً
هكذا قام بطرس الناسك يحرض النصارى على غزو بلاد المسلمين، وأعلن (الحرب المقدسة) حتى اجتمع من جيوش الكفر من النصارى خلق عظيم غزوا سواحل بلاد الشام، وأمعنوا في المسلمين قتلاً ونهباً وسلباً
يروى ابن كثير في البداية والنهاية:
وفي ضحى يوم الجمعة لسبع بقين من شعبان سنة اثنين وتسعين وأربعمائة للهجرة؛ دخل ألف ألف مقاتل بيت المقدس وصنعوا فيه ما لا تصنعه وحوش الغاب وارتكبوا ما لا ترتكب الشياطين، لبثوا فيه أسبوعا يقتلون المسلمين حتى بلغ عدد القتلى أكثر من ستين ألفا منهم الأئمة والعلماء والمتعبدون والمجاورون ، وكانوا يجبرون المسلمين على إلقاء أنفسهم من أعالي البيوت لأنهم يشعلون النار عليهم وهم فيها ، فلا يجدون مخرجا إلا بإلقاء أنفسهم من السطوح ، جاسوا فيها خلال الديار وتبروا ما علوا تتبيرا، وأخذوا أطنان الذهب والفضة والدنانير ثم وضعت الصلبان على بيت المقدس وأدخلت فيه الخنازير ونودي من على مآذن لطالما أذن من عليها بالتوحيد: أن الله ثالث ثلاثة- جل الله وتبارك-
فذهب الناس على وجوههم مستغيثين إلى العراق وتباكى المسلمون في كل مكان لهذا الحدث وظن اليائسون ألا عودة لبيت المقدس أبداً إلى حظيرة المسلمين
كم طوى اليأس نفوسا لو رأت *** منبتا خصبا لكانت جوهرا
وقام المسلمون من كل مكان من بلاد الشام يذهبون إلى إخوانهم يستنصرونهم فلا ناصر ولا معين .
في كل يوم تستباح ديارنا *** ونساق نحو الذبح كالقطعان.
شعب يباد وأمة مقهورة *** والناس بين مذبذب وجبان .
يستنكرون و يشذبون ولا أرى *** طحنا فهل قد أخطأوا عنواني.
والكل يزعم أنهم أعواني *** الكل يعلم ما يدور بساحتي.
خطب وتهديد وما من ناصر *** ومهازل تغني عن التبيان .
من لي بفاروق يرد كرامتي *** ويعيد لي حرّيتي وأماني .
من لي بمعتصم يهم لنجدتي *** بعزيمة ويذود عن أوطاني .
السامعين لصرختي و كأنهم *** خشب مسندة بلا آذان .
لكنني رغم الكآبة والأسى*** سأظل أرقب ثورة البركان .
يوم انتصار المسلمين لحقهم *** و نهوضهم في قوة وتفان .
تعود به الحياة لرشدها ***وتسود فيه شريعة الرحمن يوما .
الدور المشبوه للدولة الفاطمية الشيعية
كان يحكم مصر في ذلك الوقت الدولة الفاطمية الباطنية الرافضية،حمير اليهود والصليبيين يصفهم ابن كثير : بأنهم من أنجس الملوك سيرة وأخبثهم سريرة وقد ظهرت فى دولتهم البدع والمنكرات وقل الصالحون" قاموا بقتل علماء السنة وعطلوا الحج وقتلوا الحجاج ، وتعاونوا مع الصليبيين وأعطوهم مقاليد البلاد .
لا يلام الذئب فى عدوانه *** إن يك الراعى عدو الغنم.
وسبوا الصحابة ونشروا الفواحش والبدع وإقامة الموالد لإلهاء الناس ،وهكذا الشيعة في كل عصر ومصر لا يزيدون الأمة إلا خبالا ووبالا يكيدون للسنة وأهلها، حرب على الإسلام والمسلمين.
لو كان سهما واحداً لاتقيته*** لكنه سهم وثانٍ وثالثٌ.
شمس الأُسود تسطعُ
وقيَّض الله سبحانه وتعالى لأمة الإسلام في هذه الفترة ثلاثة من ملوك المسلمين العظام بحق كانوا أسودا ، تتابعوا واحداً بعد واحد
هم الرجال وعيب أن يقال *** لمن لم يكن مثلهم رجل.
الأسد الأول: محمود بن زنكي - نور الدين الشهيد
الأسد الثانى : أسد الدين شيركوه الأسد الثالث: صلاح الدين الأيوبي.
جمع بينهم همّ هذا الدين الذى حملوه وأحبوه وفدوه بكل غالى ونفيس ،نقلوا الأمة من حضيض الغثائية والجهل والهزيمة ، إلى سماء العزة والعلم والنصر بهذه الأسباب:
1- بالعلم واحترام العلماء الربانيين ووضعهم فى مكانهم اللائق؛ قادة يوجهون سفينة الأمة.
فلن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح أولها وإنما صلح أولها بقوله تعالى (اقرأ).
2 - تربية الناس تربية إيمانية شاملة متكاملة عقيدة وسلوكا وجهادا، وتطبيق شرعه وعدله ومحاربة البدع والمنكرات.
3- استشراف الخطر و إعداد العدة .
4- توحيد الأمة ، وجعلها لحمة واحدة.
الله آخى بيننا *** بعقيدة ربطت وحب.
فرباطنا دين الإله *** فمن يفل رباط ربي.
فلا مكان لعصبية أو مذهبية أو راية جاهلية .
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا *** وإذا افترقن تكسرت آحادا.
فإذا اجتمعت هذه الأسباب انتصر المسلمون بإذن الله (وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ )35محمد
الأسد الأول- نور الدين محمود
هو القائل :" كيف أبتسم والمسجد الأقصى المبارك فى بيت المقدس راسف فى قيود الذل والهوان تحت سنابك خيل الأعداء؟"
أحيا الله به السنة وقمع به البدعة ، كان ذا همة عالية، هدفه وهاجسه فتح بيت المقدس وتطهيره من الصليبيين ،
جمع الشجاعة والخشوع لربه *** ما أحسن المحراب فى المحراب.
وهو القائل:" لو كان معى ألف فارس لا أبالى بأعدائى قلوا أو كثروا، والله لا أستظل بجدار حتى آخذ بثأر الإسلام وثأرى" الكامل لابن الأثير 11/294 -295
قام بعمل منبر عظيم في حلب لينصبه في بيت المقدس حينما يفتحه وكان الناس يسخرون منه يوم يمرون عليه وهو يفعل ذلك فلم يلتفت إليهم وحاله كحال نبي الله نوح يوم يصنع الفلك (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا منه (هود:38)، كان يريد بذلك المنبر بث الروح، وبعث الهمم، وتبديد اليأس المخيم على القلوب، وكان بين عمل المنبر وحمله ما يزيد على عشرين سنة والسيف يبلغ ما لا يبلغ الكلم.
على المرء أن يسعى إلى الخير جاهدا *** وليس عليه أن تتم المقاصد
يذكر الذهبي في سيره: أن نور الدين الشهيد لما نزل دمياط بقي عشرين يوما صائما لا يفطر إلا على الماء، فضعف وكاد يتلف، ولما التقى العدو وخاف على الإسلام، انفرد في ناحية من الجيش ومرغ وجهه في التراب وقال يا رب، من نور الدين؟ الدين دينك والجند جندك ، افعل يا رب ما يليق بكرمك، فنصره الله نصرا مؤزرا.
أيها المؤمنون لا تتوانوا *** فالتواني وسيلة للتباب
فإذا المصلحون في القوم ناموا *** نهضت بينهم جيوش الخراب
الأسد الثانى: أستاذ الجهاد أسد الدين شيركوه
هو البطل الفذ والفارس الأسد فاتح الديار المصرية
أسد الدين شيركوه الكردي، المولود ببلدة 'دوين' على أطراف أذربيجان مع جورجيا سنة 500 هجرية تقريباً، كان كالشهاب الحارق لا يصبر على إساءة أو عدوان أو انتهاك حرمات.
ظل في خدمة عماد الدين زنكي، وخاض معه كل حروبه ضد الصليبيين وكان معه يوم فتح الرها وكان عماد الدين يحبه ويقدره لأنه كان مثله بطلاً شجاعاً لا يهاب الموت، وظل هكذا حتى كان معه في معسكره ليلة أن قتل عماد الدين سنة 541 هجرية، وعندها قام أسد الدين شيركوه بدور في غاية الأهمية، ذلك أنه حفظ معسكر المسلمين من الهرج والمرج الذي يحدث عادة عند مقتل القائد ثم قام بإعطاء خاتم الملك الخاص بعماد الدين لولده نور الدين محمود كناية عن خلافته لأبيه الشهيد، ثم قام بحراسة نور الدين محمود حتى وصل سالماً أمناً إلى مدينة 'حلب'، فعرف نور الدين هذا الجميل لأسد الدين، وصار من أقرب الناس إليه .
ومن ذلك اليوم أصبح أسد الدين شيركوه قائد جيوش نور الدين محمود أمير الشام الجديد وأصبح أخلص وأقوى أمراء الجيوش الشامية، ورجل المهام الصعبة الذي يعتمد عليه نور الدين محمود في النوازل وصعاب الأمور.
الأسد المعلم
كان أسد الدين شيركوه بحق الأستاذ الأول والمعلم الحقيقي والمكتشف البارع لقدرات ومواهب ابن أخيه صلاح الدين يوسف بن أيوب، منذ كان صلاح الدين فتى يافعاً حيث رأى فيه شيركوه بعين الخبير الفاحص أن الفتى الصغير يجمع بين عقل وحكمة أبيه نجم الدين أيوب، وشجاعة وفروسية عمه أسد الدين شيركوه، وزهد وورع أميره نور الدين، وهى خصال ثلاث كفيلة بأن ترشح هذا الفتى لقيادة الأمة فيما بعد.
فتعهده بالرعاية وضمه إليه وتولى تدريبه على فنون القتال وقيادة الجيوش وأساليب إدارة المعارك دفاعاً وهجوماً، كما تولى تعليمه فنون السياسة والمناورة والمفاوضة، حتى نضج وأصبح الذراع اليمنى له ومن لا يعرفهما يظن أن صلاح الدين هو الابن الوحيد والمقرب لأسد الدين، ولعل تعليم وتدريب صلاح الدين من أهم وأفضل أعمال أسد الدين شيركوه .
الأسد فاتح الديار المصرية
كان أسد الدين شيركوه بحكم خبرته العسكرية الطويلة وبصيرته السياسية لأوضاع العالم الإسلامي وقتها يرى أهمية الديار المصرية وضرورة فتحها وإزالة الدولة الفاطمية الخبيثة بها والتي تسببت في ضياع بيت المقدس سنة 492 هجرية، ، وكان يرى أن النصر على الصليبيين لن يتم إلا بتوحيد مصر والشام
لذلك كان دائم الإلحاح على نور الدين لكي يفتح مصر ونور الدين يرى أن الوقت غير مناسب والإمكانيات غير متاحة، فالجيوش مشغولة في قتال البؤر الصليبية في جميع أنحاء الشام، ولكن نور الدين لم يترك فكرة فتح مصر بالكلية، بل انتظر الفرصة المناسبة .
كانت الأوضاع في مصر شديدة الاضطراب، فالخلاف على أشده بين شاور و ضرغام على منصب الوزارة والخليفة العاضد الفاطمي ليس له من الأمر شيء، ولقد انتصر ضرغام على شاور وأخرجه من مصر فذهب مستنجداً بالملك العادل نور الدين محمود وضمن له ثلث إيراد مصر وأموراً أخرى إن هو أعانه على استعادة وزارته المفقودة، فوجد في ذلك نور الدين الفرصة المناسبة لفتح مصر وضمها للشام، فكلف قائد جيوشه أسد الدين شيركوه على أن يتوجه إلى مصر لذلك الغرض، ففرح الأسد بهذه المهمة وخرج في صحبته تلميذه وابن أخيه صلاح الدين الأيوبي ومعه ألف رجل فقط وذلك سنة 559 هجرية .
الأسد المرعب
وصل أسد الدين شيركوه إلى مدينة بلبيس حيث اشتبك مع جيش ضرغام وانتصر عليه، ثم واصل تقدمه إلى القاهرة حتى قضى على ضرغام وأعاد شاور لمنصب الوزارة وأقام هو بظاهر القاهرة انتظارا للوفاء بالعهود والمواثيق مع شاور ولكن شاور غدر به وأمره بالرجوع إلى الشام وهدده، فما كان من الأسد شيركوه إلا أنه دخل مدينة 'بلبيس' وامتنع بها وأرسل إلى شاور بأنه لن يتحرك من مكانه إلا بأمر قائده الملك العادل نور الدين محمود، وهكذا يكون الجندي الممتثل لأوامر قائده، حتى ولو كان هذا الجندي هو أعظم فرسان زمانه
ولما كان شاور رجل لا يهمه إلا مصالحه الخاصة ومنصبه، فلقد أسرع وأرسل للصليبيين في الشام يستنجد بهم على أسد الدين، وكان الصليبيون منذ أن توجه أسد الدين إلى مصر قد أيقنوا الهلاك إذا فتح الشاميون مصر، فلما جاءتهم استغاثة شاور فرحوا بها وأرسلوا جيوشهم وقد بذل لهم شاور أموالاً طائلة من أجل الانتصار على بني دينه وهكذا نرى أهل الدنيا لا يبالون بشيء إلا بدنياهم ولا أي شيء يردعهم عن تحصيل دنياهم .
اجتمعت الجيوش الصليبية مع عساكر شاور الخائن وحاصروا أسد الدين شيركوه في بلبيس ثلاثة أشهر وهو ممتنع بها مع أن سورها قصير جداً يقفزه الفارس بفرسه وليس لها خندق ولا أي تحصينات، ومع ذلك لم يجسروا على اقتحام المدينة من شدة خوفهم من أسد الدين شيركوه الذي ظل يقاتلهم ليلاً ونهاراً بألف رجل لا غير وهم عشرات الألوف، وفي هذه الفترة أغار نور الدين على أملاك الصليبيين في الشام وفتح تل 'حارم'، فخاف الصليبيون على باقي أملاكهم وراسلوا أسد الدين في الصلح على أن يخرج كل منهم ومن الشاميين إلى بلادهم فوافق أسد الدين .
شهادة الأعداء
قديماً قالوا 'الفضل ما شهد به الأعداء' فاسمع لهذه الشهادة من أحد الصليبيين الذين شاهدوا أسد الدين شيركوهيوم حصار بلبيس ثم يوم الصلح قال [أخرج أصحابه بين يديه وبقى في آخرهم وبيده عود من حديد يحمى ساقتهم والمصريون والفرنج ينظرون إليه، فتقدمت منه وقلت له 'أما تخاف أن يغدر بك هؤلاء المصريون والفرنج، وقد أحاطوا بك وبأصحابك ولا يبقى لكم بقية ؟' فقال شيركوه : ياليتهم فعلوه حتى كنت ترى ما أفعله، كنت والله أضع السيف فلا يقتل منا رجل حتى يقتل منهم رجال، والله لو أطاعني هؤلاء 'يعنى جنوده' لخرجت إليكم من أول يوم 'يعنى الحصار' ولكنهم امتنعوا' فقام هذا الصليبي بالتصليب على صدره وقال : كنا نعجب من فرنج هذه البلاد ومبالغتهم في صفتك وخوفهم منك والآن فقد عذرناهم .
وَوَقـَفـْتَ كالجَـبَـل ِالأشـَـــمِّ مُعَانِـدَا *** قـدْ كـنـتَ صقـراً والقضاة ُطرائـِدَا.
قدْ كنتَ حَـشْــدَاً رغـمَ أنـَّـكَ واحــد*** ٌ وهُمُ الحُشودُ ، غدوا أمامَكَ واحِدَا.
العزيمة الفولاذية
رجع أسد الدين شيركوه إلى الشام وهو يتلمظ غيظاً على الوزير الخائن 'شاور' والأوضاع المتردية في الديار المصرية، ويتحرق شوقاً لمعاودة الكرة مع الصليبيين وخونة المصريين، وهو مازال يلح على الملك العادل نور الدين محمود في العودة إلى مصر، حتى وافق نور الدين على ذلك سنة 562 هجرية، وانطلق أسد الدين في جيش يقدر بألفين من المقاتلين
أسرع 'شاور' كعادته وأرسل للصليبيين بالشام يستنجد بهم، فجاؤوه بألوف مؤلفة من أجل إدراك ثأرهم مع أسد الدين وتحقيق مبتغاهم باحتلال مصر، وكان أسد الدين يتحرك بسرعة لخفة جيشه، فوصل إلى الصعيد وفتحه ثم عسكر في منطقة البابين 'قريب من محافظة المنيا الآن' وقد رفعت له الجواسيس الأخبار عن ضخامة الجيش الصليبي ومن معه من عساكر شاور، فعقد اجتماعا مع قادة جيشه فأشاروا جميعاً بالرجوع إلى الشام لقلة عددهم وتسليحهم وبعدهم عن أوطانهم، فوقف أسد الدين كالطود العظيم وأصر على القتال واستعان بالله ووافقه ابن أخيه صلاح الدين، ثم قام أسد الدين شيركوه بوضع خطة عسكرية في غاية الذكاء بحيث أن استدرج معظم الجيش الصليبي لقلب الجيش المسلم ثم هجم هو في كتيبة منتقاة من خلاصة الأبطال على مؤخرة الجيش الصليبي، فوضعه في شبه دائرة، وانتصر انتصارا عظيماً لم يسمع بمثله في التاريخ كما يقول المؤرخ ابن الأثير .
الله أكبر جلجلت يا أمتى*** وتكبكب الطغيان والصلبان.
لن ننحني فجباهنا لا تنحني *** إلا لرب الخلق والأكوان.
بعد معركة البابين توجه أسد الدين وجنده الشامي إلى الإسكندرية بعد أن استدعاه أهلها الذين أرادوا نصرة إخوانهم المجاهدين الشاميين، ثم ترك بها حامية يقودها صلاح الدين ثم توجه إلى الصعيد لمواصلة الفتح، فانتهز الصليبيون الفرصة وحاصروا الإسكندرية حصاراً عنيفاً طيلة تسعة أشهر، فعاد الأسد لنصرة أهل الإسكندرية وابن أخيه، فرعب الصليبيون وطلبوا الصلح، فاشترط عليهم مغادرة مصر ولا يتملكوا منها قرية واحدة فوافقوا، فلله دره من أسد!
الخيانة العمياء
قال عمر رضى الله عنه: "ما خان أمين قط ، ولكن ائتمن غير أمين فخان"
لم يعلم أسد الدين شيركوه عندما اتفق مع الصليبيين على الخروج من مصر، أن الخيانة والعمالة التي تسرى في دم الوزير الخائن 'شاور' سوف تدفعه لأن يعقد اتفاقاً سرياً مع الصليبيين يتعهد فيه بدفع مائة دينار سنوياً من إيراد البلاد للصليبيين كي يتقووا بها على حرب نور الدين في الشام، ثم لم يكتف الخائن بهذه الفعلة القذرة، بل اتفق معهم على أن يكون للصليبيين حامية من كبار فرسانهم تحرس أبواب القاهرة وذلك سنة 562 هجرية
لم يكن بقاء هذه الحامية من أجل الحرص على سلامة مصر والمصريين أو السهر على راحتهم ! بل كانت ترصد الأخبار والأحوال تمهيداً لعودة الصليبيين مرة أخرى في الفرصة المناسبة وهو ما حدث بالفعل في أوائل 564 هجرية، عندما أرسلت الحامية الصليبية إلى ملك بيت المقدس الصليبي 'أملريك' تعرفه أن الأوضاع مهيئة في مصر لدخول الصليبيين.
حشد 'أملريك' جيوشه وانطلق إلى مصر بأقصى سرعة وكانت مدينة 'بلبيس' أولى محطاته فأقاموا مجزرة مرعبةلأهلها ، ثم نزلوا إلى القاهرة وضربوا عليها حصاراً شديداً، فأقدم الخائن شاور على فعلة في غاية الحمق و الحقارة حيث أقدم على حرق القاهرة ليرجع عنها الصليبيون، وظلت النار تأكل القاهرة 54 يوماً فأرسل الناس وعلى رأسهم العاضد الفاطمي إلى نور الدين يستغيثون به من الصليبيين وشاور .
الأسد يحطم الأرقام القياسية
وكان أسد الدين مقيماً في 'حمص' عندما جاءته رسالة نور الدين محمود بالقدوم إلى حلب استعداداً لإنقاذ مصر فركب البطل العجوز الذي جاوز الستين فرسه بعد صلاة الفجر وانطلق بأقصى سرعة حتى وصل 'حلب' قبيل الغروب وهذا الأمر لم يتسن لأحد من الناس سوى الصحابة رضوان الله عليهم ، فسر نور الدين بذلك جداً وجهزه بجيش مكون من ألفي فارس وقام أسد الدين بجمع ستة آلاف فارس آخر من متطوعة الشام لفتح مصر وانطلق الأسد يزأر ويرعد ويبرق ويتوعد الصليبيين والخونة المنافقين في مصر.
فلما جاءتهم الأخبار بقدوم الأسد وجنوده أجمعوا أمرهم على الرحيل من مصر مذعورين هاربين ، ودخل الأسد المظفر القاهرة فاتحاً منتصراً من غير أن يشهر سيفاً واحداً هذه المرة، فلقد نصره الله عز وجل بالرعب!
حاول شاور الخائن أن يستدرج الأسد لدعوة طعام مسموم ليهلك فيها هو وأصحابه ولكن الكامل بن شاور الابن الأكبر لشاور وكان رجلاً صالحاً مجاهداً نهى أباه عن هذه الفعلة وهدده بأن سيخبر شيركوه فقال شاور: والله لئن لم نفعل هذا لنقتلن جميعاً،
قال الكامل : صدقت، ولأن نقتل ونحن مسلمون والبلاد إسلامية، خير من أن نقتل وقد ملكها الفرنج، فإنه ليس بينك وبين عود الفرنج إلا أن يسمعوا بالقبض على شيركوه!
ولقي شاور جزاء خيانته وعمالته للصليبيين حيث أمر العضد الفاطمي بإعدامه، وتولى أسد الدين شيركوه الوزارة في مصر وأخذ في التدبير والعمل من أجل إسقاط الدولة الفاطمية الخبيثة وتوحيد مصر والشام تحت حكم نور الدين محمود .
ولكن القدر المحتوم والأجل المكتوب جاء للأسد في ميعاده المعلوم فأصيب بذبحة صدرية قتلته رحمه الله في 22 جمادى الأخر 564 هجرية بعد أن حقق مراده وكلل سعيه وجهاده الطويل بفتح مصر.
وسبحان الله لقد خاض هذا البطل أكثر من مائة وخمسين موقعة وتعرض للشهادة في كل موطن وسعى لها سعياً حثيثاً ولكنه مات على فراشه فرحمه الله ورضى عنه وصدق الصديق عندما قال: احرص على الموت توهب لك الحياة.
تابع الجزء الثانى
الأسد الثالث : صلاح الدين الأيوبى محرر الأقصى
[center]
أقوى مشاهد افتراس البشر ..ثلاثة أسود يفترسون الصليبيين فى حطين
الحمد لله معز الإسلام بنصره، ومذل الشرك بقهره، ومصرف الأمور بأمره، ومديم النعم بشكره، ومستدرج الكافرين بمكره، قدَّر الأيام دولاً بعدله، وجعل العاقبة للمتقين بفضله، وأظهر دينه على الدين كله، لم يكن له كفواً أحد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله دافع الشرك وداحض الإثم، الذي أسري به ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وعرج به إلى السماوات العلا إلى سدرة المنتهى، أما بعد
قال تعالى : ( وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)40 الحج
لغة البطولة من خصائص أمتي *** عنا رواها الآخرون وترجموا
من ذلك الوقت الذي انتفضت به *** بطحاء مكة والحطيم وزمزم
منذ التقى جبريل فوق ربوعها *** بمحمــد يتلو له ويعلـم
فلا تستشر غير العزيمة في العلا *** فليس سواها ناصح ومعلم
ذهب الرقاد فحدثي يا همتي *** إن العقيدة قوة لا تهزم
إهداء إلى حماة الأمة أسود الأقصى ومرابطى فلسطين
أخوكم الفقير إلى الله zorro
إن أرض المسلمين تنبع لبناً وعسلاً
هكذا قام بطرس الناسك يحرض النصارى على غزو بلاد المسلمين، وأعلن (الحرب المقدسة) حتى اجتمع من جيوش الكفر من النصارى خلق عظيم غزوا سواحل بلاد الشام، وأمعنوا في المسلمين قتلاً ونهباً وسلباً
يروى ابن كثير في البداية والنهاية:
وفي ضحى يوم الجمعة لسبع بقين من شعبان سنة اثنين وتسعين وأربعمائة للهجرة؛ دخل ألف ألف مقاتل بيت المقدس وصنعوا فيه ما لا تصنعه وحوش الغاب وارتكبوا ما لا ترتكب الشياطين، لبثوا فيه أسبوعا يقتلون المسلمين حتى بلغ عدد القتلى أكثر من ستين ألفا منهم الأئمة والعلماء والمتعبدون والمجاورون ، وكانوا يجبرون المسلمين على إلقاء أنفسهم من أعالي البيوت لأنهم يشعلون النار عليهم وهم فيها ، فلا يجدون مخرجا إلا بإلقاء أنفسهم من السطوح ، جاسوا فيها خلال الديار وتبروا ما علوا تتبيرا، وأخذوا أطنان الذهب والفضة والدنانير ثم وضعت الصلبان على بيت المقدس وأدخلت فيه الخنازير ونودي من على مآذن لطالما أذن من عليها بالتوحيد: أن الله ثالث ثلاثة- جل الله وتبارك-
فذهب الناس على وجوههم مستغيثين إلى العراق وتباكى المسلمون في كل مكان لهذا الحدث وظن اليائسون ألا عودة لبيت المقدس أبداً إلى حظيرة المسلمين
كم طوى اليأس نفوسا لو رأت *** منبتا خصبا لكانت جوهرا
وقام المسلمون من كل مكان من بلاد الشام يذهبون إلى إخوانهم يستنصرونهم فلا ناصر ولا معين .
في كل يوم تستباح ديارنا *** ونساق نحو الذبح كالقطعان.
شعب يباد وأمة مقهورة *** والناس بين مذبذب وجبان .
يستنكرون و يشذبون ولا أرى *** طحنا فهل قد أخطأوا عنواني.
والكل يزعم أنهم أعواني *** الكل يعلم ما يدور بساحتي.
خطب وتهديد وما من ناصر *** ومهازل تغني عن التبيان .
من لي بفاروق يرد كرامتي *** ويعيد لي حرّيتي وأماني .
من لي بمعتصم يهم لنجدتي *** بعزيمة ويذود عن أوطاني .
السامعين لصرختي و كأنهم *** خشب مسندة بلا آذان .
لكنني رغم الكآبة والأسى*** سأظل أرقب ثورة البركان .
يوم انتصار المسلمين لحقهم *** و نهوضهم في قوة وتفان .
تعود به الحياة لرشدها ***وتسود فيه شريعة الرحمن يوما .
الدور المشبوه للدولة الفاطمية الشيعية
كان يحكم مصر في ذلك الوقت الدولة الفاطمية الباطنية الرافضية،حمير اليهود والصليبيين يصفهم ابن كثير : بأنهم من أنجس الملوك سيرة وأخبثهم سريرة وقد ظهرت فى دولتهم البدع والمنكرات وقل الصالحون" قاموا بقتل علماء السنة وعطلوا الحج وقتلوا الحجاج ، وتعاونوا مع الصليبيين وأعطوهم مقاليد البلاد .
لا يلام الذئب فى عدوانه *** إن يك الراعى عدو الغنم.
وسبوا الصحابة ونشروا الفواحش والبدع وإقامة الموالد لإلهاء الناس ،وهكذا الشيعة في كل عصر ومصر لا يزيدون الأمة إلا خبالا ووبالا يكيدون للسنة وأهلها، حرب على الإسلام والمسلمين.
لو كان سهما واحداً لاتقيته*** لكنه سهم وثانٍ وثالثٌ.
شمس الأُسود تسطعُ
وقيَّض الله سبحانه وتعالى لأمة الإسلام في هذه الفترة ثلاثة من ملوك المسلمين العظام بحق كانوا أسودا ، تتابعوا واحداً بعد واحد
هم الرجال وعيب أن يقال *** لمن لم يكن مثلهم رجل.
الأسد الأول: محمود بن زنكي - نور الدين الشهيد
الأسد الثانى : أسد الدين شيركوه الأسد الثالث: صلاح الدين الأيوبي.
جمع بينهم همّ هذا الدين الذى حملوه وأحبوه وفدوه بكل غالى ونفيس ،نقلوا الأمة من حضيض الغثائية والجهل والهزيمة ، إلى سماء العزة والعلم والنصر بهذه الأسباب:
1- بالعلم واحترام العلماء الربانيين ووضعهم فى مكانهم اللائق؛ قادة يوجهون سفينة الأمة.
فلن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح أولها وإنما صلح أولها بقوله تعالى (اقرأ).
2 - تربية الناس تربية إيمانية شاملة متكاملة عقيدة وسلوكا وجهادا، وتطبيق شرعه وعدله ومحاربة البدع والمنكرات.
3- استشراف الخطر و إعداد العدة .
4- توحيد الأمة ، وجعلها لحمة واحدة.
الله آخى بيننا *** بعقيدة ربطت وحب.
فرباطنا دين الإله *** فمن يفل رباط ربي.
فلا مكان لعصبية أو مذهبية أو راية جاهلية .
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا *** وإذا افترقن تكسرت آحادا.
فإذا اجتمعت هذه الأسباب انتصر المسلمون بإذن الله (وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ )35محمد
الأسد الأول- نور الدين محمود
هو القائل :" كيف أبتسم والمسجد الأقصى المبارك فى بيت المقدس راسف فى قيود الذل والهوان تحت سنابك خيل الأعداء؟"
أحيا الله به السنة وقمع به البدعة ، كان ذا همة عالية، هدفه وهاجسه فتح بيت المقدس وتطهيره من الصليبيين ،
جمع الشجاعة والخشوع لربه *** ما أحسن المحراب فى المحراب.
وهو القائل:" لو كان معى ألف فارس لا أبالى بأعدائى قلوا أو كثروا، والله لا أستظل بجدار حتى آخذ بثأر الإسلام وثأرى" الكامل لابن الأثير 11/294 -295
قام بعمل منبر عظيم في حلب لينصبه في بيت المقدس حينما يفتحه وكان الناس يسخرون منه يوم يمرون عليه وهو يفعل ذلك فلم يلتفت إليهم وحاله كحال نبي الله نوح يوم يصنع الفلك (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا منه (هود:38)، كان يريد بذلك المنبر بث الروح، وبعث الهمم، وتبديد اليأس المخيم على القلوب، وكان بين عمل المنبر وحمله ما يزيد على عشرين سنة والسيف يبلغ ما لا يبلغ الكلم.
على المرء أن يسعى إلى الخير جاهدا *** وليس عليه أن تتم المقاصد
يذكر الذهبي في سيره: أن نور الدين الشهيد لما نزل دمياط بقي عشرين يوما صائما لا يفطر إلا على الماء، فضعف وكاد يتلف، ولما التقى العدو وخاف على الإسلام، انفرد في ناحية من الجيش ومرغ وجهه في التراب وقال يا رب، من نور الدين؟ الدين دينك والجند جندك ، افعل يا رب ما يليق بكرمك، فنصره الله نصرا مؤزرا.
أيها المؤمنون لا تتوانوا *** فالتواني وسيلة للتباب
فإذا المصلحون في القوم ناموا *** نهضت بينهم جيوش الخراب
الأسد الثانى: أستاذ الجهاد أسد الدين شيركوه
هو البطل الفذ والفارس الأسد فاتح الديار المصرية
أسد الدين شيركوه الكردي، المولود ببلدة 'دوين' على أطراف أذربيجان مع جورجيا سنة 500 هجرية تقريباً، كان كالشهاب الحارق لا يصبر على إساءة أو عدوان أو انتهاك حرمات.
ظل في خدمة عماد الدين زنكي، وخاض معه كل حروبه ضد الصليبيين وكان معه يوم فتح الرها وكان عماد الدين يحبه ويقدره لأنه كان مثله بطلاً شجاعاً لا يهاب الموت، وظل هكذا حتى كان معه في معسكره ليلة أن قتل عماد الدين سنة 541 هجرية، وعندها قام أسد الدين شيركوه بدور في غاية الأهمية، ذلك أنه حفظ معسكر المسلمين من الهرج والمرج الذي يحدث عادة عند مقتل القائد ثم قام بإعطاء خاتم الملك الخاص بعماد الدين لولده نور الدين محمود كناية عن خلافته لأبيه الشهيد، ثم قام بحراسة نور الدين محمود حتى وصل سالماً أمناً إلى مدينة 'حلب'، فعرف نور الدين هذا الجميل لأسد الدين، وصار من أقرب الناس إليه .
ومن ذلك اليوم أصبح أسد الدين شيركوه قائد جيوش نور الدين محمود أمير الشام الجديد وأصبح أخلص وأقوى أمراء الجيوش الشامية، ورجل المهام الصعبة الذي يعتمد عليه نور الدين محمود في النوازل وصعاب الأمور.
الأسد المعلم
كان أسد الدين شيركوه بحق الأستاذ الأول والمعلم الحقيقي والمكتشف البارع لقدرات ومواهب ابن أخيه صلاح الدين يوسف بن أيوب، منذ كان صلاح الدين فتى يافعاً حيث رأى فيه شيركوه بعين الخبير الفاحص أن الفتى الصغير يجمع بين عقل وحكمة أبيه نجم الدين أيوب، وشجاعة وفروسية عمه أسد الدين شيركوه، وزهد وورع أميره نور الدين، وهى خصال ثلاث كفيلة بأن ترشح هذا الفتى لقيادة الأمة فيما بعد.
فتعهده بالرعاية وضمه إليه وتولى تدريبه على فنون القتال وقيادة الجيوش وأساليب إدارة المعارك دفاعاً وهجوماً، كما تولى تعليمه فنون السياسة والمناورة والمفاوضة، حتى نضج وأصبح الذراع اليمنى له ومن لا يعرفهما يظن أن صلاح الدين هو الابن الوحيد والمقرب لأسد الدين، ولعل تعليم وتدريب صلاح الدين من أهم وأفضل أعمال أسد الدين شيركوه .
الأسد فاتح الديار المصرية
كان أسد الدين شيركوه بحكم خبرته العسكرية الطويلة وبصيرته السياسية لأوضاع العالم الإسلامي وقتها يرى أهمية الديار المصرية وضرورة فتحها وإزالة الدولة الفاطمية الخبيثة بها والتي تسببت في ضياع بيت المقدس سنة 492 هجرية، ، وكان يرى أن النصر على الصليبيين لن يتم إلا بتوحيد مصر والشام
لذلك كان دائم الإلحاح على نور الدين لكي يفتح مصر ونور الدين يرى أن الوقت غير مناسب والإمكانيات غير متاحة، فالجيوش مشغولة في قتال البؤر الصليبية في جميع أنحاء الشام، ولكن نور الدين لم يترك فكرة فتح مصر بالكلية، بل انتظر الفرصة المناسبة .
كانت الأوضاع في مصر شديدة الاضطراب، فالخلاف على أشده بين شاور و ضرغام على منصب الوزارة والخليفة العاضد الفاطمي ليس له من الأمر شيء، ولقد انتصر ضرغام على شاور وأخرجه من مصر فذهب مستنجداً بالملك العادل نور الدين محمود وضمن له ثلث إيراد مصر وأموراً أخرى إن هو أعانه على استعادة وزارته المفقودة، فوجد في ذلك نور الدين الفرصة المناسبة لفتح مصر وضمها للشام، فكلف قائد جيوشه أسد الدين شيركوه على أن يتوجه إلى مصر لذلك الغرض، ففرح الأسد بهذه المهمة وخرج في صحبته تلميذه وابن أخيه صلاح الدين الأيوبي ومعه ألف رجل فقط وذلك سنة 559 هجرية .
الأسد المرعب
وصل أسد الدين شيركوه إلى مدينة بلبيس حيث اشتبك مع جيش ضرغام وانتصر عليه، ثم واصل تقدمه إلى القاهرة حتى قضى على ضرغام وأعاد شاور لمنصب الوزارة وأقام هو بظاهر القاهرة انتظارا للوفاء بالعهود والمواثيق مع شاور ولكن شاور غدر به وأمره بالرجوع إلى الشام وهدده، فما كان من الأسد شيركوه إلا أنه دخل مدينة 'بلبيس' وامتنع بها وأرسل إلى شاور بأنه لن يتحرك من مكانه إلا بأمر قائده الملك العادل نور الدين محمود، وهكذا يكون الجندي الممتثل لأوامر قائده، حتى ولو كان هذا الجندي هو أعظم فرسان زمانه
ولما كان شاور رجل لا يهمه إلا مصالحه الخاصة ومنصبه، فلقد أسرع وأرسل للصليبيين في الشام يستنجد بهم على أسد الدين، وكان الصليبيون منذ أن توجه أسد الدين إلى مصر قد أيقنوا الهلاك إذا فتح الشاميون مصر، فلما جاءتهم استغاثة شاور فرحوا بها وأرسلوا جيوشهم وقد بذل لهم شاور أموالاً طائلة من أجل الانتصار على بني دينه وهكذا نرى أهل الدنيا لا يبالون بشيء إلا بدنياهم ولا أي شيء يردعهم عن تحصيل دنياهم .
اجتمعت الجيوش الصليبية مع عساكر شاور الخائن وحاصروا أسد الدين شيركوه في بلبيس ثلاثة أشهر وهو ممتنع بها مع أن سورها قصير جداً يقفزه الفارس بفرسه وليس لها خندق ولا أي تحصينات، ومع ذلك لم يجسروا على اقتحام المدينة من شدة خوفهم من أسد الدين شيركوه الذي ظل يقاتلهم ليلاً ونهاراً بألف رجل لا غير وهم عشرات الألوف، وفي هذه الفترة أغار نور الدين على أملاك الصليبيين في الشام وفتح تل 'حارم'، فخاف الصليبيون على باقي أملاكهم وراسلوا أسد الدين في الصلح على أن يخرج كل منهم ومن الشاميين إلى بلادهم فوافق أسد الدين .
شهادة الأعداء
قديماً قالوا 'الفضل ما شهد به الأعداء' فاسمع لهذه الشهادة من أحد الصليبيين الذين شاهدوا أسد الدين شيركوهيوم حصار بلبيس ثم يوم الصلح قال [أخرج أصحابه بين يديه وبقى في آخرهم وبيده عود من حديد يحمى ساقتهم والمصريون والفرنج ينظرون إليه، فتقدمت منه وقلت له 'أما تخاف أن يغدر بك هؤلاء المصريون والفرنج، وقد أحاطوا بك وبأصحابك ولا يبقى لكم بقية ؟' فقال شيركوه : ياليتهم فعلوه حتى كنت ترى ما أفعله، كنت والله أضع السيف فلا يقتل منا رجل حتى يقتل منهم رجال، والله لو أطاعني هؤلاء 'يعنى جنوده' لخرجت إليكم من أول يوم 'يعنى الحصار' ولكنهم امتنعوا' فقام هذا الصليبي بالتصليب على صدره وقال : كنا نعجب من فرنج هذه البلاد ومبالغتهم في صفتك وخوفهم منك والآن فقد عذرناهم .
وَوَقـَفـْتَ كالجَـبَـل ِالأشـَـــمِّ مُعَانِـدَا *** قـدْ كـنـتَ صقـراً والقضاة ُطرائـِدَا.
قدْ كنتَ حَـشْــدَاً رغـمَ أنـَّـكَ واحــد*** ٌ وهُمُ الحُشودُ ، غدوا أمامَكَ واحِدَا.
العزيمة الفولاذية
رجع أسد الدين شيركوه إلى الشام وهو يتلمظ غيظاً على الوزير الخائن 'شاور' والأوضاع المتردية في الديار المصرية، ويتحرق شوقاً لمعاودة الكرة مع الصليبيين وخونة المصريين، وهو مازال يلح على الملك العادل نور الدين محمود في العودة إلى مصر، حتى وافق نور الدين على ذلك سنة 562 هجرية، وانطلق أسد الدين في جيش يقدر بألفين من المقاتلين
أسرع 'شاور' كعادته وأرسل للصليبيين بالشام يستنجد بهم، فجاؤوه بألوف مؤلفة من أجل إدراك ثأرهم مع أسد الدين وتحقيق مبتغاهم باحتلال مصر، وكان أسد الدين يتحرك بسرعة لخفة جيشه، فوصل إلى الصعيد وفتحه ثم عسكر في منطقة البابين 'قريب من محافظة المنيا الآن' وقد رفعت له الجواسيس الأخبار عن ضخامة الجيش الصليبي ومن معه من عساكر شاور، فعقد اجتماعا مع قادة جيشه فأشاروا جميعاً بالرجوع إلى الشام لقلة عددهم وتسليحهم وبعدهم عن أوطانهم، فوقف أسد الدين كالطود العظيم وأصر على القتال واستعان بالله ووافقه ابن أخيه صلاح الدين، ثم قام أسد الدين شيركوه بوضع خطة عسكرية في غاية الذكاء بحيث أن استدرج معظم الجيش الصليبي لقلب الجيش المسلم ثم هجم هو في كتيبة منتقاة من خلاصة الأبطال على مؤخرة الجيش الصليبي، فوضعه في شبه دائرة، وانتصر انتصارا عظيماً لم يسمع بمثله في التاريخ كما يقول المؤرخ ابن الأثير .
الله أكبر جلجلت يا أمتى*** وتكبكب الطغيان والصلبان.
لن ننحني فجباهنا لا تنحني *** إلا لرب الخلق والأكوان.
بعد معركة البابين توجه أسد الدين وجنده الشامي إلى الإسكندرية بعد أن استدعاه أهلها الذين أرادوا نصرة إخوانهم المجاهدين الشاميين، ثم ترك بها حامية يقودها صلاح الدين ثم توجه إلى الصعيد لمواصلة الفتح، فانتهز الصليبيون الفرصة وحاصروا الإسكندرية حصاراً عنيفاً طيلة تسعة أشهر، فعاد الأسد لنصرة أهل الإسكندرية وابن أخيه، فرعب الصليبيون وطلبوا الصلح، فاشترط عليهم مغادرة مصر ولا يتملكوا منها قرية واحدة فوافقوا، فلله دره من أسد!
الخيانة العمياء
قال عمر رضى الله عنه: "ما خان أمين قط ، ولكن ائتمن غير أمين فخان"
لم يعلم أسد الدين شيركوه عندما اتفق مع الصليبيين على الخروج من مصر، أن الخيانة والعمالة التي تسرى في دم الوزير الخائن 'شاور' سوف تدفعه لأن يعقد اتفاقاً سرياً مع الصليبيين يتعهد فيه بدفع مائة دينار سنوياً من إيراد البلاد للصليبيين كي يتقووا بها على حرب نور الدين في الشام، ثم لم يكتف الخائن بهذه الفعلة القذرة، بل اتفق معهم على أن يكون للصليبيين حامية من كبار فرسانهم تحرس أبواب القاهرة وذلك سنة 562 هجرية
لم يكن بقاء هذه الحامية من أجل الحرص على سلامة مصر والمصريين أو السهر على راحتهم ! بل كانت ترصد الأخبار والأحوال تمهيداً لعودة الصليبيين مرة أخرى في الفرصة المناسبة وهو ما حدث بالفعل في أوائل 564 هجرية، عندما أرسلت الحامية الصليبية إلى ملك بيت المقدس الصليبي 'أملريك' تعرفه أن الأوضاع مهيئة في مصر لدخول الصليبيين.
حشد 'أملريك' جيوشه وانطلق إلى مصر بأقصى سرعة وكانت مدينة 'بلبيس' أولى محطاته فأقاموا مجزرة مرعبةلأهلها ، ثم نزلوا إلى القاهرة وضربوا عليها حصاراً شديداً، فأقدم الخائن شاور على فعلة في غاية الحمق و الحقارة حيث أقدم على حرق القاهرة ليرجع عنها الصليبيون، وظلت النار تأكل القاهرة 54 يوماً فأرسل الناس وعلى رأسهم العاضد الفاطمي إلى نور الدين يستغيثون به من الصليبيين وشاور .
الأسد يحطم الأرقام القياسية
وكان أسد الدين مقيماً في 'حمص' عندما جاءته رسالة نور الدين محمود بالقدوم إلى حلب استعداداً لإنقاذ مصر فركب البطل العجوز الذي جاوز الستين فرسه بعد صلاة الفجر وانطلق بأقصى سرعة حتى وصل 'حلب' قبيل الغروب وهذا الأمر لم يتسن لأحد من الناس سوى الصحابة رضوان الله عليهم ، فسر نور الدين بذلك جداً وجهزه بجيش مكون من ألفي فارس وقام أسد الدين بجمع ستة آلاف فارس آخر من متطوعة الشام لفتح مصر وانطلق الأسد يزأر ويرعد ويبرق ويتوعد الصليبيين والخونة المنافقين في مصر.
فلما جاءتهم الأخبار بقدوم الأسد وجنوده أجمعوا أمرهم على الرحيل من مصر مذعورين هاربين ، ودخل الأسد المظفر القاهرة فاتحاً منتصراً من غير أن يشهر سيفاً واحداً هذه المرة، فلقد نصره الله عز وجل بالرعب!
حاول شاور الخائن أن يستدرج الأسد لدعوة طعام مسموم ليهلك فيها هو وأصحابه ولكن الكامل بن شاور الابن الأكبر لشاور وكان رجلاً صالحاً مجاهداً نهى أباه عن هذه الفعلة وهدده بأن سيخبر شيركوه فقال شاور: والله لئن لم نفعل هذا لنقتلن جميعاً،
قال الكامل : صدقت، ولأن نقتل ونحن مسلمون والبلاد إسلامية، خير من أن نقتل وقد ملكها الفرنج، فإنه ليس بينك وبين عود الفرنج إلا أن يسمعوا بالقبض على شيركوه!
ولقي شاور جزاء خيانته وعمالته للصليبيين حيث أمر العضد الفاطمي بإعدامه، وتولى أسد الدين شيركوه الوزارة في مصر وأخذ في التدبير والعمل من أجل إسقاط الدولة الفاطمية الخبيثة وتوحيد مصر والشام تحت حكم نور الدين محمود .
ولكن القدر المحتوم والأجل المكتوب جاء للأسد في ميعاده المعلوم فأصيب بذبحة صدرية قتلته رحمه الله في 22 جمادى الأخر 564 هجرية بعد أن حقق مراده وكلل سعيه وجهاده الطويل بفتح مصر.
وسبحان الله لقد خاض هذا البطل أكثر من مائة وخمسين موقعة وتعرض للشهادة في كل موطن وسعى لها سعياً حثيثاً ولكنه مات على فراشه فرحمه الله ورضى عنه وصدق الصديق عندما قال: احرص على الموت توهب لك الحياة.
تابع الجزء الثانى
الأسد الثالث : صلاح الدين الأيوبى محرر الأقصى
[center]
zorro- عدد المساهمات : 319
نقاط : 708
تاريخ التسجيل : 26/02/2010
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة يوليو 06, 2012 3:15 pm من طرف ridouan
» خبر عن الجزيرة الرياضية
الجمعة أبريل 20, 2012 4:50 pm من طرف waleedahmed
» اكثر من 90 برنامج كامل لعام 2010 مع الكراكات والارقام السرية
الثلاثاء فبراير 14, 2012 3:45 am من طرف mahboul1975
» تحية للجميع
الثلاثاء نوفمبر 01, 2011 9:46 pm من طرف جابر
» عبر عن حالتك النفسيه بكلمة..............
الإثنين أكتوبر 17, 2011 9:35 pm من طرف zankny
» الحق قبل الحذف وصلة كيف تصبح مشرف
الإثنين أكتوبر 17, 2011 9:30 pm من طرف zankny
» معلومات خاطئة كثيرا مانرددها
الإثنين أكتوبر 17, 2011 12:55 am من طرف zankny
» بعض العوامل التي تؤدي إلى انحراف المرأة المتزوجة
الأحد أكتوبر 16, 2011 11:51 pm من طرف zankny
» كيفية تحميل فيلم من www.myegy.com
الأحد أكتوبر 16, 2011 11:30 pm من طرف zankny